يقول آية الله العظمى الوحيد الخراساني دام ظله الشريف "إن ما أنقله عن المرحوم السيد جمال الدين الخونساري المعروف بصاحب روضات الجنات ، وهو من أكابر علمائنا قدس سره يوضح المطلب ، فقد أوصى أن يعد له قبر خارج أصفهان ، مع أن في المدينة مقبرة تاريخية يرغب المؤمنون أن يدفنوا فيها، لأنها مليئة بالعلماء والصالحين، ولما سألوه عن السبب سكت، فألحوا عليه حتى قال لهم: كان لي صديق تاجر أثق بصدقه وتدينه وقد أصر عليَّ أن أكون وصيه فقبلت رغم أني لا أقبل الوصية عن أحد، ونقل لي رحمه الله هذه القصة: قال: ذهبت إلى حج بيت الله الحرام عن طريق العراق حتى أفوز بزيارة الأئمة عليهم السلام في ذهابي ورجوعي ، وعندما وصلت إلى النجف كان عندي رسالة بحوالة فأردت أن أستلمها يوم حركة القافلة ، فتأخرت إلى المغرب ، وجئت لألتحق بالقافلة فوجدتها قد خرجت وأقفلوا باب سور النجف ، فبتُّ في تلك الليلة داخل السور ، وخرجت أول الصبح مسرعاً لألتحق بالقافلة ، ولكني كلما مشيت في الصحراء لم أجدها ! فرجعت إلى النجف متحيراً فوجدت باب السور قد أغلق أيضاً ، فبتُّ خارج السور !
وفي وسط الليل رأيت فجأة شخصاً درويشاً عليه ثياب رثة ، قال لي: أنت البارحة تخلفت عن القافلة ، فلماذا تركت صلاة الليل؟! إنهض وتعالى معي !
فخطوت معه أقداماً فرأيت شخصاً جليلاً فنظر إلينا وقال للدرويش: خذه إلى مكة ! فقال لي الدرويش: إذهب وتعال في الوقت الفلاني ، فذهبت وعدت إليه في الوقت الذي عينه فقال لي: إمش خلفي وضع قدمك مكان قدمي ! وتقدم أمامي ولم يمش إلا بضع خطوات حتى رأيت نفسي صرت في مكة ! فأراد أن يودعني فقلت له: كم تتفضل عليَّ إذا أكملت جميلك وأرجعتني بعد الحج إلى النجف ، فقَبِل وواعدني في يوم ومكان !
وبعد أن أكملت مناسكي قصدت المكان فوجدته ، فقال لي كما قال أولاً: إمش خلفي وضع قدمك مكان قدمي ، وبعد خطوات رأيت أني صرت في النجف ! فقال لي: لا تقل لرفقائك، قل لهم جئت مع أحدهم ووصلنا قبلكم. ثم قال لي: لي إليك حاجة. قلت: أنا حاضر ، ما هي ؟ قال: سأقولها لك في أصفهان . وعدت إلى أصفهان حتى كان يوم رأيت فيه صاحبي الدرويش بين الحمالين في سوق أصفهان، فجاءني وقال لي: أنا ذلك الشخص الذي أوصلتك الى مكة ، وهذا وقت حاجتي التي وعدتني بها! قلت نعم فما هي؟ قال: أناأسكن في المكان الفلاني، وفي اليوم الفلاني أموت، فتعال إلى مكاني، وفي صندوقي ثمانية توامين ، فاصرفها على تكفيني ودفني وادفني وأخذني الى المحل الذي اختاره قبراً فدلني عليه ، وقال إدفنني هنا !
قال صاحب روضات الجنات رحمه الله : هذا هو المكان الذي اختاره ذلك الولي اخترته أنا لأدفن فيه !
إن هذا مستوى الخادم من أصحابه عليه السلام ! وإذا كان خدامه يقومون بعمل آصف بن برخيا ، فكيف به هو صلوات الله عليه ؟!
وا حسرتنا على عمرنا الذي قضيناه ، ولم نعرف ماذا عملنا فيه ، وعمن ابتعدنا ؟ فكم نذكره عليه السلام حتى يذكرنا ؟ وكم عملنا له حتى يجازينا ؟!"
الحق المبين في معرفة المعصومين : ص 534