هل نبالغ في لومنا للدولة على كل شيء وأي شيء؟!
ساءلتنا النفس في ساعة صفا..
أحق لنا أن نحملها وزر بطء التنمية وتعثر الديمقراطية والفقر والجهل والطائفية والزحام وتدني مستوى النظافة وإهمال الأطباء.؟! أليس الشعب مسؤولاً عن تدهور حاله وتدنيه!!
أسئلة هاجمنا الضمير بها ليأتي لنا خبر طريف من الهند وآخر من الأردن ليحسما الحيرة ويجيبا على الأسئلة العالقة:
الخبر الأول جاء من منطقة هندية نائية تدعى تاميل نادو.. لجأت فيها السلطات لأسلوب مبتكر لتشجيع مواطنيها على استخدام المراحيض العامة ''أجلكم الله'' في بلد يقضي كثير من مواطنيه حاجتهم في العراء مما يؤدي لانتشار الأوبئة والأمراض. إذ أعلنت البلدية أنها ستدفع مبلغاً يصل لـ30 روبية (0.69 دولار) لمن سيستخدم المرافق العامة بانتظام من خلال توزيع استمارات سيتم ختمها في كل زيارة؛ وبإمكان المواطن صرف المبلغ نهاية الشهر بالتوجه لمبنى البلدية..!!
أما الخبر الثاني - الطريف أيضاً - فجاء من الأردن.. حيث قررت الحكومة توزيع مليون ونصف المليون ''عوازل حمل'' مجاناً على المواطنين؛ في إطار برنامج تنظيم الأسرة الهادف لمساعدة الأسر على تحسين مستواها المعيشي من خلال دفعها لتقليص عدد أفراد الأسرة..
إن الحكومات التي تنوء بحمل الإدارة، لاسيما في الدول النامية المثخنة بإرث المفاهيم المختلطة وجراح الجهل وندوب الفساد والاستعمار، بحاجة لبذل جهد مضاعف لتخرج بشعوبها من حالة الجمود لحالة الحراك.. ومن حالة الصراع لحالة التصالح.. ومن حالة الجهل لحالة التنوير.
هكذا تلتئم المعادلة..
في دولنا النامية بوتيرة السلاحف؛ تتحكم الحكومات بكل شيء؛ بمقدرات الدولة وثرواتها وقراراتها المصيرية، فلا غرو أن تتحمل هي - أيضاً- عبء إدارة دفة التطوير والتنمية والتخطيط.. نحن لا نتجنى على الحكومة عندما نطالبها بكل شيء.. فالشعب عُومل طوال حياته على أنه خديج قاصر يجب أن يُدار ويُقاد؛ ويقبل وينصاع. نحن الأبناء والرعايا.. وحكوماتنا هي الأب الراعي.. ومادمنا كذلك؛ فلنطالبهم بكل شيء ونلومهم على كل شيء.. فهم أرادونا أذناباً لا رؤوساً.. ومن زرع حصد..!!
والحق أن حكومتنا قادرة على أن تأخذ بأيدينا إلى البر - إن شاءت- وتمحو مشاكلنا ''بأستيكة'' إن ودت.. كل ما عليها فعله هو أن تعين شخصيات كفؤة في المواقع القيادية.. شخصيات زادها علمها وإبداعها لا حسبها ونسبها. شخصيات لم تولد وفي فمها معالق من ذهب حتى إذ ما قلنا لهم أن الناس تفتقر للخبز قالوا لنا '' فليأكلوا البسكويت''.. قيادات بمعنى قيادات تدير الشعب القاصر لما فيه خيره ونهضته..
أما أن يُحجر علينا من الحياة للممات.. ويسد الطريق أمامنا لتقرير مصائرنا. ويولى علينا مسؤولون ''نص كم'' يتولى الواحد منهم كرسيه ويتركه دون أن يضيف لمنصبه شيئاً.. فكثير.. كثير جداً..
* هامش:
فكرة توزيع موانع الحمل تلك جيدة.. فالبحرينيون زادوا وصاروا مصدر قلق.. لاسيما أنهم متطلبون؛ لجوجون متمردون.. فلتوزع الصحة موانع لنحد من النوعية الرديئة من الشعب؛ ليتسنى للحكومة ''استيراد'' شعب أفضل.