شوقي العلوي
مع الاعتذار للشاب الوسيم الجذاب الذي اختطف قلوب العذارى وغير العذارى لكونه معطوفاً على نور لمجيء حرف العطف ''الواو'' بعد اسم حبيبته نور ولكون القطط والكلاب معطوفة عليه بسبب حرف العطف ''الواو''.
اضطررنا لأن نقرن نور ومهند بالقطط والكلاب لأن أصحاب الفتوى قرنوهما بالقطط والكلاب في فتاويهم.
''إن شيخاً وعدداً من أهالي قرية الحجر (التي تبعد 70 كيلومتراً عن منطقة الباحة جنوب المملكة) قاموا بتحطيم أجهزة الاستقبال داخل المنازل[1]''.
شيوخنا الأفاضل بدأ بهم الأمر وينتهي بهم في إصدار فتاوى في مسائل تُظهر العرب والمسلمين وكأنهم قد انتهوا من كل مشاكلهم ومآسيهم، ليصل بهم الأمر لإصدار فتوى دينية تحرم مشاهدة مسلسل تلفزيوني، لتقول إن المحطات التي تعرض المسلسل التركي ''نور'' هي محطات معادية لله ورسوله وللإسلام. تُصور المسلسل أنه جالب للفساد ومحرض عليه ومعادٍ لقيمنا وتقاليدنا.
يبدو أنه يتوجب على أصحاب الفتوى أن يفتوا بتحريم مشاهدة التلفاز مثلما حرمته ''القاعدة'' و''طالبان''. حوادث فردية كتبت عنها الصحف تحدثت عن حدوث حالات طلاق أو نزاع بين الأزواج وزوجاتهم بسبب مشاهدة هذا المسلسل، قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن يا ترى هل مشاهدة هذا المسلسل هو ما أدى إلى مثل هذه الحالات من الطلاق أو النزاع؟ بالتأكيد أن الإجابة لا. نحن نتغافل عن المشاكل الحقيقية في العلاقات الأسرية وبالذات في علاقة الزوج بزوجته أو علاقة الزوجة بزوجها. الرجل يسيء إلى زوجته وقد تكون الزوجة لا تحسن تعاملها مع زوجها، ولذلك أسباب لا علاقة لها بمشاهدة هذا المسلسل. ما العيب في أن تتمنى الزوجة أن يحسن الزوج معاملتها ويشعرها بكينونتها؟ ما العيب في أن يتمنى الرجل أن تحسن زوجته معاملته وتشعره بكينونته؟ أمر طبيعي أن تتمنى الزوجة من زوجها أن يشعرها بحبه واحترامه لها، وكذلك من حق الزوج أن يتمنى بأن تشعره زوجته بحبها واحترامها له.
نسأل أصحاب الفتوى هل مسلسل نور هو المسلسل الوحيد الذي يحتوي على مشاهد غرامية وعلى مشاهد تُظهر تناول المشروبات الروحية؟ بالتأكيد أن الإجابة لا، وبمقياس هذه الفتوى يتوجب علينا أن نمتنع عن مشاهدة التلفاز وعلى السلطات منع تركيب الأطباق الفضائية. لقد تناسى مشايخنا الأفاضل أن العالم أصبح اليوم قرية صغيرة والجميع أصبح على اتصال بالعالم بشره وخيره. لم يعد عالمنا عالم البدوي بماشيته وخيمته.
بعد صدور فتوى تحريم مشاهدة المسلسل التركي ''نور''، تطل علينا فتوى جديدة الصنع تحرم اقتناء القطط وكلاب الزينة! حسبما فهمنا أن سبب صدور هذه الفتوى هو قيام بعض الشباب في مدينة الرياض باصطحاب الكلاب والقطط معهم إلى الأماكن العامة في المنتزهات والأسواق والمجمعات التجارية ومعاكسة الفتيات.
نتساءل ونسأل مشايخنا الأفاضل: ماذا بالنسبة للهاتف الذي يستخدمه البعض للمعاكسة والاعتداء على حرمات الآخرين؟ ماذا عن الإنترنت الـــــذي يحتوي الخير والشر ويسيء البعض استخدامـــه؟ ماذا عن السيارة التي يستخدمهـــا البعض في المعاكسة وتجاوز القـــانون؟ القائمة طويلة، هل المطلــوب أن تصدر فتـــاوى تُحرم اقتناء واستخدام هذه الوسائــل؟
المطلوب ليس التحريم، المطلوب من السلطات المختصة المراقبة ومعاقبة المخالفين والمتجاوزين.
عندما طُلب من شيخ الأزهر تحريم تزويد إسرائيل بالغاز المصري، وجدناه يلتزم الصمت! لم نجد مراكز الفتوى في أكبر دولتين إسلاميتين، بلاد الحرمين الشريفين وبلاد الأزهر الشريف أو حتى المرجعية الشيعية في النجف الأشرف، أنها تحرم التعامل والتعاون مع المحتل الأميركي للعراق الشقيق؟ لم نجد من هذه المراكز دوراً فعالاً وواضحاً تجاه اعتراف بعض الدول العربية والإسلامية بدولة العدو الصهيوني دونما مقابل، بل المقابل هو ضياع الحد الأدنى من الحقوق المشروعة لنا في فلسطين!
إن من حرم مشاهدة مسلسل ''نور'' تناسى أن المحطات التي تعرض هذا المسلسل هي مملوكة للأمراء والأثرياء، ومع ذلك لم نسمع عن فتوى تجاه هؤلاء الأمراء والأثرياء.
لم نسمع منهم فتاوى تحرم على أصحاب العز والجاه تربية الخيول والجمال التي تكلف مئات الملايين من الدنانير أو الريالات أو الجنيهات، في الوقت الذي لا يجد فيه المواطن السكن والعلاج والتعليم، بل البعض يعجز عن توفير لقمة عيشه.
مساكين نور ومهند والقطط والكلاب.
[1] جريدة الخليج الإماراتية، 4 أغسطس/آب 2008
- كاتب بحريني